الدكتورة
كانت خائفة من زوجها المتسلط الذي لا يريد إلا أولاد ,ومن حسن حظها كان في تلك الفترة في مهمة خارج البلدة ,وجاء وقت والولادة لتضع البنت السابعة , أخذت ترتعش فرائصها بشدة, فصارت تسأل ما لو كانت هناك عائلة محرومة من الأطفال ,حتى وجدت في قرية ,فأخذت ابنتها وصارت تقبلها للمرة الألف وأوصت أن يسموها حنان وذهبت مسرعة قبل حلول الصباح,ولما طلع الفجر,استيقظت بناتها يسألوا عن أختهم الصغيرة ,فأجابت والأسى يملأ قلبها :لقد أصابتها حمى وماتت وما كانت إلا لحظات وإذا بزوجها قد أقبل من مهمته ,فأسرعت لتستقبله ,فإذا به مقبل ومعه كبش يسوقه إلى الفناء فأخذت تسأله: أبا فاطمة ماهذا الذي بين يديك ؟فأجابها: إنه عقيقه ابني ,لقد انجبتي ولدا أليس كذلك ؟ فردت عليه باكية: إنها فتاة لكنها توفيت فقال بكل قسوة: ذلك أفضل,وتمر السنين,وحنان تكبر يوما بعد يوم حتى أصبحت دكتورة في أحد المستشفيات,كانت في عيادتها والمطر ينهمر بقوة وفجأة سمعت صوت سيارة الإسعاف فخرجت لترى الأمر ,وإذا برجل قد ملأ الدم جسده فلا يكاد يرى ,أدخل فورا غرفة العمليات ,وأخذت تهتم به كما لو كانت تعرفه ,فلما أفاق كانت الدموع تترقرق في عينيه فسألته عن أحواله وعن سبب بكائه ,فقال: إنك تذكريني بابنتي لو كانت حية الآن لكانت في مثل سنك ,في الحقيقة كنت أظن أنها ماتت لكني عرفت الحقيقة متأخرا وبعد عامين أنجبت امرأتي طفلا لكنه أصيب بالشلل فأخذتني الندامة وصرت أستغفر ربي لعله يغفر لي مابذر مني .. ثم سألته ماذا كانت هناك دلاله تعرف بها البنت فأجاب: لا أعرف عنها شيئا سوى اسمها..لقد كان اسمها حنان.. أحست برعشة في بدنها وأخذت تبكي مسرعة إلى خارج الغرفة .. لقد تذكرت بأنها سمعت منذ فترة أنها لا تنتمي للعائلة التي تسكن معها .. رجعت البيت وسألت أمها عن الحقيقة فأجابتها .. فعادت إلى المستشفى وشوقها يسبق خطاها لترى ذلك الأب القاسي الذي أبعدها عن أحضان أمها وقد أصابه البلاء فهرع لربه مستغفرا .. أسرعت لتعانقه لكنها وجدت سريره خاليا منه .. سألت عنه.. فأخبروها بأنه قد فارق الحياة منذ نصف ساعة